لطالما كان التفكير الفلسفي مرتبطا بالتفكير الديني بسبب الروابط التي تجمعهم، حيث أنهما يهتمان بوضع إجابات عن العديد من المسائل المتعلقة بالوجود والغاية من الخلق علاقة النفس بالجسد وغيرها . ومن بين المسائل التي انشغل بها التفكير الفلسفي مسألة الألوهية، والتي تعتبر أهم مبحث عقائدي، وأهميتها من أهمية الدين الركن الأساسي في تثبيت تواجد واستمرارية الحضارات.إذا كان منطق الدين في تسليمه بوجود الله أمرا يقينيا، فإنه يعمد إلى استخدام الأساليب العقلية في مواجهة المشككين (وهذا ما دأب عليه اللاهوت اليهودي والمسيحي وعلم الكلام الإسلامي) فإن معالجة الفلسفة لمسألة الألوهية تختلف عن المنطق الديني، كونها لا تنطلق من مسلمات الدين مستخدمة أسلوب الشك والنقد والتحليل، ولهذا السبب ظهرت توجهات فلسفية حديثة مختلفة في تفسيرها لمسألة الألوهية، وبخاصة في فترة التنوير الأوروبية. مع تقديس المدرسة العقلية الغربية الحديثة للعقل ومناداتها بالحداثة وانتماء فلاسفتها للمؤسسات الدينية إلا أنهم عملوا على انتزاع الصبغة الدينية عن الحياة الغربية، ولم يسيروا بمفهوم الألوهية نحو الحداثة. ليبقى السؤال المركزي، هل تمكن فلاسفة المدرسة العقلية الغربية الحديثة (ديكارت، سبينوزا، مالبرانش وليبنتز) من تقديم تصور وفكرة عن الله متوافقة مع الإيمان الديني ومتطلبات الحداثة، وتكوين مفاهيم روحية صالحة لعصرهم وما بعده؟،