إن مشكلة السلطة في أوطاننا تكمن في أنها تسيّر ثروة باطنية جاهزة لتنظيم حكم الشعب بسلوك أبوي قاهر للحريات، ومشكلة المجتمع التائه تكمن في أنه يسيّر ثروة معنوية من الذكاء الثقافي الموروث بشكل تنافسي حاد بين أفراده في إثبات ذاوتهم، إلى درجة عالية من التحاسد والعدوانية في المعاملات. ولم يكن المخرج من هذه الحالة الشاذة ممكنا إلا بعد تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتمادي بعض رموز السلطة في فسادها، فبرز من الشعوب الهادئة والمسالمة الشعب السوداني، ومن الشعوب المضطربة والعصبية الشعب الجزائري، فوجدت هذه الشعوب المنتفضة ضالتها أخيرا في حراكها الذي أتاح للأفراد تجاوز ذاتيتهم وأنانيتهم والانخراط في ذاتية جماعية بسلوك سلمي وحضاري، حتى يواجهون تحديات الواقع المعاصر وأزماته الحادة صفا واحدا كالبنيان المرصوص، وكان هذا عين الصواب. أما السلطة فهي بتشبثها بمنطقها القديم المتعالي وجدت نفسها مرغمة على التفتح على المجتمع المنتفض، الذي بدأ يتغيّر فعليا، مما قد ييسّر مدّ جسور الثقة في قدرة النخب الجديدة والمستنيرة على مساعدة الحكام في استغلال الثروة المادية والاستثمار في الثروة الثقافية المكتسبة عند المجتمع لتحقيق بداية نهضة حقيقية في الأوطان المنكوبة.
Hinweis: Dieser Artikel kann nur an eine deutsche Lieferadresse ausgeliefert werden.
Hinweis: Dieser Artikel kann nur an eine deutsche Lieferadresse ausgeliefert werden.