ليس هناك أمة واحدة من أمم العالم تستطيع منافسة مصر في ترابط عصور تاريخها، فنحن نستطيع أن نتتبع تطور الأحداث التاريخية والتدرج الحضاري لها طوال أربعين قرنًا دون أن تنقطع بين أيدينا حلقات السلسلة التي تبدأ مُنذ العصور المبكرة وتتدرج على مر السنين، تارة تزدهر وتارة أخرى تكبو، وتنتهي في آخر الأمر بخاتمة مرة، إلا أنها كانت الخاتمة لشعب مكافح عاش قرونًا طويلة أدى فيها واجبه كاملًا كشعب حر مستقل .. الخاتمة التي فرضها عليه شعب الفرس حين دخل قمبيز أرض مصر وسلب أهلها استقلالهم عام 525 ق.م واضطرتهم الظروف أن يعيشوا تحكمهم شعوب أجنبية حتى عصرنا الحديث (وحتى عام 1952). وما زالت بعض فترات التاريخ المصر تحتاج إيضاحات ومعلومات، كما لا تزال أعمال الحفر تسفر عن نتائج قيمة تلقي ضوءًا على التاريخ المصري، وهكذا نضطر إلى الوقوف على نتائج المكتشفات الحديثة لتطبيقها، وكثيرًا ما تلجأ إلى تعديل النظريات القائمة، وبذلك يطرأ من حين إلى آخر تبديل واضح على بعض نواحي التاريخ.