"أما بعد فإنه حضر عندي جماعة من أهل الأدب، بين ريان منه صادر عن مورده، وطالب موف على مقصوده، ومجتهد سمت همته إلى جمع فنونه، وافتراع أبكاره وعونه. جعلوا مبدأ مذكراتهم، ومنشأ مشاجرتهم معاني شعر أبي الطيب أحمد بن الحسين المتنبي، وقصروا همهم على كشف ما التبس من معانيه، والحث عن غوامضه وخوافيه فكأنه عناهم بقوله: أنام ملء جفوني عن شواردها ... ويسهرُ الخلق جراها ويختصمُ. وسألني منهم أوجب حقه، وأوثر موافقته، جمع ما انتهى إلى علمه من أقوال مفسري ديوان المذكور، على سبيل الإيجاز والاختصار، والاقتصاد، فانتهت إلى مراده، وسارعت إلى جمع مقترحه وإيراده، وتتبعت جميع قصائده تتبع الناشد مظان نشائده، أقتضب منها الألفاظ الشريفة والمعاني اللطيفة مظهراً خبياتها، جالياً لها في أحسن هيآتها، وأفردت لها مختصراً لطيفا مجمله، كافيا لمن يتأمله. لم أتسمح في إغفال نكتة لغوية ولا إهمال مشكلة نحوية. "