تعد الترجمة بمثابة مفتاح الحضارات من دون الحاجة للسفر عبر القارات، وهي بمثابة أداة قياس للتقدم مقارنة بالحضارات والأمم المُترجَم عنها. ولدت الترجمة الحقيقية في مصر في القرن التاسع عشر مع الحملة الفرنسية (١٧٩٨م – ١٨٠١م) بقيادة نابليون بونابرت،و يُعزي "تاجر" تأخر مصر في حقل الترجمة إلى هذا الوقت إلى العزلة التي كانت مفروضة عليها من قِبَل كل من المماليك والعثمانيين حيث اقتصرت الترجمة على ترجمة الأمور التجارية بين التجار وهي بذلك لم ترتقي إلى الحد الذي يمكن أن تغذي به مشارب العلوم الأخرى. أخذ بونابرت يقيم حملات للترجمة استعان بها بمستشرقين فرنسيين وسوريين لخلق نوع من الثقة المتبادلة وتعزيز العلاقة بين الشعب المصري والحكومة الفرنسية، ومن ثم قام بترجمة الوثائق الرسمية والإدارية كالتي وزعت في الاسكندرية قبل وصول الحملة إليها، ورد فيها ما يٌطَمئن السكان بحرية الاعتقاد والمحافظة على دينهم، كما وقد تمت ترجمة أعمال عربية دينية وأدبية وعلمية عربية إلى الفرنسية. استكمل المصريون دربهم في الترجمة في عهد محمد علي باشا والذي حث المصريون فيه على الانخراط في تعلم اللغات، بالإضافة إلى إنشائه قلم الترجمة وإلحاقه بـ "مدرسة الألسن" التي أوكِلًت إليها مهمة إعداد المترجمين وقد تُرجِمَت العديد من المؤلفات من الإيطالية والفرنسية إلى العربية والتركية. أما في عصر كل من عباس باشا وسعيد باشا فقد تراجع الاهتمام بالترجمة وعليه اضمحلت الأعمال المترجمة، لترجع إلى أوجها في عهد الخديوي إسماعيل الذي أمر شفهيًا بإعادة إعمال "مدرسة الألسن" التي كانت قد أُوقِفَت في زمن عباس باشا.