عني «محمد كرد علي» في مُعظم كتاباته بقضية دحض الشبهات وإثبات زيف الأباطيل التي روَّجها المستشرقون عن الحضارة الإسلامية، ونحن هنا بصدد سلسلة محاضرات ألقاها بقاعة الجمعية الجغرافية الملكية بالقاهرة في رمضان عام ١٣٥٢ﻫ، موضوعها «براعة الإدارة في الإسلام»، ويتعرض فيها لتاريخ الإدارة في العصور الإسلامية بدايةً من عهد الرسول، وإدارته لمراحل الدعوة سواء السرية أو الجهرية، وكذلك بعد الفتح، كما يُبرز نجاح الخلفاء الراشدين في إدارة الدولة الإسلامية بعد وفاة الرسول، وصولًا إلى عهد العباسيين، ويثبت كذلك الابتكارات التي أحدثها المسلمون في نُظُم الفرس والروم الإدارية بعد فتحهم لممالكهم. ««محمد كرد علي» مُفكر وأديب سوري دافع طوال عمره عن اللغة العربية، وشدَّد على ضرورة الاعتناء بها في مراحل التعليم. كان وزيرًا للمعارف والتربية في سوريا، وأيضًا تولَّى رئاسة مَجمع اللغة العربية بدمشق. وُلِدَ «كرد علي» بدمشق عام ١٨٧٦م لأبٍ كردي وأمٍّ شركسية وتلقى تعليمًا تقليديًّا. درس «كرد علي» على يد العديد من علماء دمشق المعروفين، وقرأ عليهم كتب الأدب واللغة والبلاغة والتاريخ والفقه والفلسفة، فحاز ثقافة رفيعة وموسوعية. ألَّف «كرد علي» العديد من الكُتب التي احتفت بالحضارة العربية والإسلامية، كما ترجم بعض الكتب عن الفرنسية مثل كتاب «تاريخ الحضارة»، ووضع كتابًا عن مشاهداته في فرنسا أسماه «غرائب الغرب»، أنشأ «كرد علي» أول مجمع للغة العربية بدمشق عام ١٩١٩م وظل رئيسًا له حتى وفاته.