الفقر الشامل يهبط على العالم، ويخيم عليه بسرعة كبيرة، لكن بين قرابة خمسين دولة منيت بالإخفاق نجد أن الشعوب الأشد فقراً في العالم تواجه مأساة تزداد سوءاً، وقسوة؛ هؤلاء المليار نسمة يعيشون تحت خط الفقر؛ إذ يعيش الفرد منهم على أقل من دولار واحد يومياً، في حين أن باقي العالم يتقدم إلى الأمام بخطى ثابتةً وراسخةً، فقد خلَّف هؤلاء المليار نسمة المنْسيين وراءَه أكثرَ فأكثر، لقد نتج عن ذلك عواقب جدية لا يقتصر تأثيرها على فقراء العالم، بل يتعدى ذلك ليصل إلى الاستقرار العالمي. لماذا تضع الدول الأشد فقراً في العالم العراقيل في وجه محاولات المجتمع الدولي لمساعدتها؟ لماذا يبدو أنه ليس باستطاعة أي أحد ـ مهما كان ـ أن يحقق تغييراً في الأوضاعِ القائمةِ؟. في كتابه مليار نسمةٍ تحت خَط الفقْر، يُسلطُ بول كوليير الأضواء على قضايا الفساد، والاضطرابات السياسية، وطريقة استخدام الثرواتِ وهي قضية جوهرية تكْمن في جُذور المشكلة، إنه يُوَصِّفُ المعركةَ المستعرة، والمُحْتدِمة بين قادة الفساد، وأدْعياءِ الإصلاح. ويستعرض عواملَ أخرى مُؤثِرة مثل: الحربِ الأهلية، والاعتماد على تصدير الثروات الطبيعية، والافتقار إلى الحكومة الرشيدة؛ مما يؤدي إلى سقوط البلاد في فخِِ التخلف الاجْتماعي، والتراجعِ الاقتصادي. ينظر كوليير بعناية، وبدقة إلى الأسباب التي جعلت المساعدات التقليدية عاجزةً عن معالجة هذه المشْكلات، ويضع خطة عملٍ جوهريةٍ طَموحة، وجديدة تتضمن جدولَ أعمال جديداً لمجموعة الدول الثمانيةِ تَتبنى معاييرَ مناهضةً للفساد أكثر فاعلية، وسياسات تجارية تفضيلية، وتدخلاً عسكرياً مباشراً إذا اقتضت الضرورة. كل هذه المبادرات صُمِّمَتْ بعناية لمساعدة المليار نسمة المنسيين تحت خط الفقر. إنه تَحدٍّ كبير، لا بل هو أحد أهم التحديات التي تواجه العالم في القرن الحادي والعشرين.