لاشك أن السرد هو القاسم المشترك بين الأمم والشعوب والثقافات، فكما أن لكل جماعة مروياتها، فإن لكل ثقافة سردياتها، صغر شأنها أم كبر، مثلما أن لكل حضارة إبداعاتها في السرد، والذي يمكن أن يتطور إلى تمثيل وملاحم وصوتيات ومرئيات وفنون تشكيلية. إن الغاية من هذا الكتاب تقديم رؤية كلية، عن السرد العربي بوصفه بناء لغويا وإشاريا وإخباريا، يتشكل في أبنية جمالية متعددة، نجدها في مرويات التاريخ والشعر الغنائي والملحمي، وفي الحكايات القصيرة والطويلة، في السير الشعبية وفي حكايات المجالس، مثلما نجدها في الروايات والمسرحيات والقصص القصيرة والأقاصيص والأخبار والقصص الحياتية، وما يستجد أو يتوارث من أشكال الحكي. وارتكز جهد المؤلف على مناقشة القضايا النظرية ذات علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالسرد العربي القديم، مثل الشفاهية والكتابية، والمعيارية واللامعيارية، والشعرية والنثرية..كذلك سعى الكتاب ليستحضر الأبعاد الثقافية والحضارية والفلسفية، بحيث تكون الصورة في النهائية كلية في الزمان والمكان، تمتد من العصر الجاهلي إلى ما قبل العصر الحديث، تنظر – بقدر المستطاع - في آراء الأقدمين، وجهود الباحثين المحدثين.