كما أهتم الإسلام بالسياسة والحكم والاقتصاد والإنماء أهتم كذلك بالجهاز الذي سيتولى مهمة تنفيذ السياسة العامة للدولة وكذا تنفيذ عمليات الإنماء بكافة جوانبها المادية والحضارية والروحية وقد نبع هذا الاهتمام من الاهتمام بالمجتمع المسلم في شموله وعموميته ومن الرغبة في ترقية ذلك المجتمع ليكون دائماً بمثابة النموذج الأمثل والقدوة القويمة .
والطرح الإسلامي فيما يتعلق بالإدارة العامة من القوة والرصانة بما جعله يتخطى حدود الزمن وحواجز المكان ويقفز إلى واقعنا المعاصر ويعلن عن نفسه في بناء فكري محكم ونموذج عملي متمرس ولقد أبدع المسلمون الأوائل في عملية نقل تلك الأبنية الفكرية إلى نماذج ممارسة تنتظر الجهود المخلصة لأبناء الإسلام في الكشف عن تلك البني ونماذجها وتقديمها إلى العالمين .
وتفرد الإسلام في طروحاته الخاصة بالإدارة العامة كما تفرد في كافة طروحاته الخاصة بأشكال النشاط الإنساني وقد تبدى ذلك التفرد في مفردات وموضوعات الإدارة العامة كما تبدى كذلك في مفردات وموضوعات الإدارة المحلية .
ولقد خصصنا هذا المؤلف لإيضاح ذلك التفرد في مجال الإدارة العامة من خلال استنباط أصول وقواعد الإدارة العامة التي وردت في ثنايا القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وكذا أشكال الممارسات التي اشتقت من أنظمة دولة الرسول الكريم وخلفائه الراشدين .
ولعل أول الموضوعات التي تفرض نفسها بشكل منطقي على الدارس لأصول الإدارة العامة في الإسلام هي المتعلقة بمفهوم الإدارة العامة وماهيته فما هو تعريف الإسلام للإدارة العامة ومن أين يُستمد ذلك التعريف وما هي أهم ممارساته وتطبيقاته في التاريخ الإسلامي ؟ ثم ما هي البيئة التي ينبغي أن يوضع فيها ذلك المفهوم موضع التطبيق ؟ ويتفاعل معها ويثمرا معاً نموذجاً متميزاً في الإدارة ومن ثم ما هي معالم النظام الإداري الإسلامي ؟ وترتيباً علي ذلك ما هي طبيعة العلاقة بين النظام الإداري الإسلامي والمنهاج الإسلامي ذلك الإطار الأعم والأشمل الذي يحوي كافة الأنظمة الفرعية من اقتصادية وإدارية ومجتمعية .. الخ ؟ وأخيراً ما هي أهداف الإدارة العامة في الإسلام ؟
كل ما تقدم من أسئلة واستفسارات هي موضوعات ومفردات تتعلق بماهية الإدارة العامة في الإسلام .
وبعد الوقوف علي تعريف الإسلام للإدارة العامة يكون التوجه نحو التنقيب عما يعرف بعمليات الإدارة العامة فالإدارة تتم عبر سلسلة متتابعة من العمليات الضرورية والواجبة والتي لا تتم الإدارة إلا بها ولعل أول وأهم سمات هذه العمليات المتراكبة هو أنها في ذاتها ومدلولاتها وأهدافها ذات طبيعة ميكانيكية مجردة غير مذهبية تتم في كافة المجتمعات بغض الطرف عن انتماءاتها وتوجهاتها المذهبية إلا أنها قد تختلف من مجتمع لآخر من حيث أهمية بعضها علي البعض الآخر بشكل طاغ ومهيمن ثم تبدو في النهاية عمليات حيوية لنقل الإدارة العامة من طور النظر إلى أرض الواقع .
ولقد جاءت الطروحات الإسلامية فما يتعلق بعمليات الإدارة العامة غاية في الإحكام والدقة والتفرد والتميز بما يبهر الباحث ويجعله لا يجد صعوبة عندما يجتهد في مواءمة تلك العمليات بالواقع المعاصر فالإدارة العامة في الإسلام ارتبطت شكلاً ومضموناً بعمليات التخطيط والتنظيم والقيادة واتخاذ القرارات والاتصالات والتمويل والرقابة وكان للطرح الإسلامي وجهته وإسهامه المعتبران في هذا الصدد .
يضاف إلى ما تقدم أن الإسلام قد تفرد كذلك وبشكل مبهر في صياغة نسق من المبادئ الإدارية المعتبرة الجديرة بالدراسة والبحث وقد لا يألف البعض مصطلح نسق المبادئ الإدارية انطلاقاً من كونه قريب الصلة بنسق القيم السياسية بشكل قد يذيل الفواصل بين النسقين وانطلاقاً كذلك من خلو الأفكار المذهبية غير الإسلامية من مثل هذه النسق إلا أن الطرح الإسلامي قد قدم بالفعل نسقاً من المبادئ الإدارية تحف حركة النظام الإداري وممارساته بالرعاية والحماية بما يعصمها من الزلل والانحراف الذي يمكن أن تتعرض لهما ويوطد بشكل دائم علاقتها بمصدريها الأصيلين ومنبع كافة الطروحات الإسلامية ألا وهما القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
فمبادئ مثل الإيمان والتقوى والكفاءة والصلاحية والمسئولية وليس السلطة والرقابة والتقويم الذاتي وإرضاء الله عز وجل كلها قيم تصون العمل الإداري وتحفظه من الانحراف كذلك فهي حلقة وصل دائمة الفعالية تربط بين الإدارة العامة في حركتها وفعالياتها وبين أصولها ومنابعها الأصلية دون وسيط .
في الأخير تأتي عملية ممارسة العمل الإداري أو الوظيفة العامة أو ما يعرف بالخدمة المدنية وتعرف هذه العملية من الوجهة الإدارية بإدارة الأفراد وهي عملية تحريك وتفعيل الجهود البشرية من أجل تحقيق أهداف الدولة وهذا التحريك والتفعيل يحتاج إلى عمليات متسلسلة ومتتابعة تمكن الجهد البشرى من التجسد في شكل أفعال وممارسات تحقق أهداف الدولة ووظائف الجهاز الإداري .
وتبدأ هذه العمليات باختيار الأفراد المناسبين ثم تدريبهم وإعدادهم للقيام بمسئولياتهم ثم وضع قواعد ترقية هؤلاء الأفراد وتدرجهم في وظائفهم ثم تحديد علاقاتهم ببعضهم وعلاقاتهم بأفراد المجتمع الذي يتعاملون معهم وأخيراً طرق ووسائل تحفيزهم وتشجيعهم .
إن ما تقدم يمثل القواعد والأصول للإدارةة العامة وفقا للطرح الإسلامي وتحتاج هذه القواعد والأصول دوماً إلى الفكر الواعي المستنير الذي يمنحهما المقدرة على التعامل مع الواقع المعاصر بمستجداته ومتغيراته وفي هذا المصنف نحاول استنباط تلك الأصول والقواعد ثم نحاول مرة أخرى المواءمة بينها وبين الواقع المعاصر وبذا نجمع عنصري الأصالة والمعاصرة للطرح الإسلامي تجاه الإدارة العامة كأحد أوجد النشاط البشري وقد جاء هذا المؤلف في أربعة أبواب على النحو التالي :
الباب الأول : ماهية الإدارة العامة في الإسلام .
الباب الثاني : عمليات الإدارة العامة في الإسلام .
الباب الثالث : نسق المبادئ الإدارية الإسلامية .
الباب الرابع : إدارة الأفراد [الوظيفة العامة] في الإسلام .
والطرح الإسلامي فيما يتعلق بالإدارة العامة من القوة والرصانة بما جعله يتخطى حدود الزمن وحواجز المكان ويقفز إلى واقعنا المعاصر ويعلن عن نفسه في بناء فكري محكم ونموذج عملي متمرس ولقد أبدع المسلمون الأوائل في عملية نقل تلك الأبنية الفكرية إلى نماذج ممارسة تنتظر الجهود المخلصة لأبناء الإسلام في الكشف عن تلك البني ونماذجها وتقديمها إلى العالمين .
وتفرد الإسلام في طروحاته الخاصة بالإدارة العامة كما تفرد في كافة طروحاته الخاصة بأشكال النشاط الإنساني وقد تبدى ذلك التفرد في مفردات وموضوعات الإدارة العامة كما تبدى كذلك في مفردات وموضوعات الإدارة المحلية .
ولقد خصصنا هذا المؤلف لإيضاح ذلك التفرد في مجال الإدارة العامة من خلال استنباط أصول وقواعد الإدارة العامة التي وردت في ثنايا القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وكذا أشكال الممارسات التي اشتقت من أنظمة دولة الرسول الكريم وخلفائه الراشدين .
ولعل أول الموضوعات التي تفرض نفسها بشكل منطقي على الدارس لأصول الإدارة العامة في الإسلام هي المتعلقة بمفهوم الإدارة العامة وماهيته فما هو تعريف الإسلام للإدارة العامة ومن أين يُستمد ذلك التعريف وما هي أهم ممارساته وتطبيقاته في التاريخ الإسلامي ؟ ثم ما هي البيئة التي ينبغي أن يوضع فيها ذلك المفهوم موضع التطبيق ؟ ويتفاعل معها ويثمرا معاً نموذجاً متميزاً في الإدارة ومن ثم ما هي معالم النظام الإداري الإسلامي ؟ وترتيباً علي ذلك ما هي طبيعة العلاقة بين النظام الإداري الإسلامي والمنهاج الإسلامي ذلك الإطار الأعم والأشمل الذي يحوي كافة الأنظمة الفرعية من اقتصادية وإدارية ومجتمعية .. الخ ؟ وأخيراً ما هي أهداف الإدارة العامة في الإسلام ؟
كل ما تقدم من أسئلة واستفسارات هي موضوعات ومفردات تتعلق بماهية الإدارة العامة في الإسلام .
وبعد الوقوف علي تعريف الإسلام للإدارة العامة يكون التوجه نحو التنقيب عما يعرف بعمليات الإدارة العامة فالإدارة تتم عبر سلسلة متتابعة من العمليات الضرورية والواجبة والتي لا تتم الإدارة إلا بها ولعل أول وأهم سمات هذه العمليات المتراكبة هو أنها في ذاتها ومدلولاتها وأهدافها ذات طبيعة ميكانيكية مجردة غير مذهبية تتم في كافة المجتمعات بغض الطرف عن انتماءاتها وتوجهاتها المذهبية إلا أنها قد تختلف من مجتمع لآخر من حيث أهمية بعضها علي البعض الآخر بشكل طاغ ومهيمن ثم تبدو في النهاية عمليات حيوية لنقل الإدارة العامة من طور النظر إلى أرض الواقع .
ولقد جاءت الطروحات الإسلامية فما يتعلق بعمليات الإدارة العامة غاية في الإحكام والدقة والتفرد والتميز بما يبهر الباحث ويجعله لا يجد صعوبة عندما يجتهد في مواءمة تلك العمليات بالواقع المعاصر فالإدارة العامة في الإسلام ارتبطت شكلاً ومضموناً بعمليات التخطيط والتنظيم والقيادة واتخاذ القرارات والاتصالات والتمويل والرقابة وكان للطرح الإسلامي وجهته وإسهامه المعتبران في هذا الصدد .
يضاف إلى ما تقدم أن الإسلام قد تفرد كذلك وبشكل مبهر في صياغة نسق من المبادئ الإدارية المعتبرة الجديرة بالدراسة والبحث وقد لا يألف البعض مصطلح نسق المبادئ الإدارية انطلاقاً من كونه قريب الصلة بنسق القيم السياسية بشكل قد يذيل الفواصل بين النسقين وانطلاقاً كذلك من خلو الأفكار المذهبية غير الإسلامية من مثل هذه النسق إلا أن الطرح الإسلامي قد قدم بالفعل نسقاً من المبادئ الإدارية تحف حركة النظام الإداري وممارساته بالرعاية والحماية بما يعصمها من الزلل والانحراف الذي يمكن أن تتعرض لهما ويوطد بشكل دائم علاقتها بمصدريها الأصيلين ومنبع كافة الطروحات الإسلامية ألا وهما القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
فمبادئ مثل الإيمان والتقوى والكفاءة والصلاحية والمسئولية وليس السلطة والرقابة والتقويم الذاتي وإرضاء الله عز وجل كلها قيم تصون العمل الإداري وتحفظه من الانحراف كذلك فهي حلقة وصل دائمة الفعالية تربط بين الإدارة العامة في حركتها وفعالياتها وبين أصولها ومنابعها الأصلية دون وسيط .
في الأخير تأتي عملية ممارسة العمل الإداري أو الوظيفة العامة أو ما يعرف بالخدمة المدنية وتعرف هذه العملية من الوجهة الإدارية بإدارة الأفراد وهي عملية تحريك وتفعيل الجهود البشرية من أجل تحقيق أهداف الدولة وهذا التحريك والتفعيل يحتاج إلى عمليات متسلسلة ومتتابعة تمكن الجهد البشرى من التجسد في شكل أفعال وممارسات تحقق أهداف الدولة ووظائف الجهاز الإداري .
وتبدأ هذه العمليات باختيار الأفراد المناسبين ثم تدريبهم وإعدادهم للقيام بمسئولياتهم ثم وضع قواعد ترقية هؤلاء الأفراد وتدرجهم في وظائفهم ثم تحديد علاقاتهم ببعضهم وعلاقاتهم بأفراد المجتمع الذي يتعاملون معهم وأخيراً طرق ووسائل تحفيزهم وتشجيعهم .
إن ما تقدم يمثل القواعد والأصول للإدارةة العامة وفقا للطرح الإسلامي وتحتاج هذه القواعد والأصول دوماً إلى الفكر الواعي المستنير الذي يمنحهما المقدرة على التعامل مع الواقع المعاصر بمستجداته ومتغيراته وفي هذا المصنف نحاول استنباط تلك الأصول والقواعد ثم نحاول مرة أخرى المواءمة بينها وبين الواقع المعاصر وبذا نجمع عنصري الأصالة والمعاصرة للطرح الإسلامي تجاه الإدارة العامة كأحد أوجد النشاط البشري وقد جاء هذا المؤلف في أربعة أبواب على النحو التالي :
الباب الأول : ماهية الإدارة العامة في الإسلام .
الباب الثاني : عمليات الإدارة العامة في الإسلام .
الباب الثالث : نسق المبادئ الإدارية الإسلامية .
الباب الرابع : إدارة الأفراد [الوظيفة العامة] في الإسلام .