كان المفكّر المصري سلامة موسى من أوائل من استقبلوا بحفاوة النظرية الداروينية بعد ظهورها في القرن التاسع عشر، فأنشأ يكتب عنها وفيها، متأثراً بميوله العلمية وتفكيره الاشتراكي المادي، ودعوته إلى أنّ محاكاة الغرب والتجربة الحضارية التي خاضها هي الكفيل بارتقاء المجتمع المصري.وقد جاء كتابه الإنسان قمة التطوّر حول هذا الموضوع وقد جاء فيه : " الشاب الذي درس التطور في الأحياء؛ نباتًا، وحيوانًا، لا يتمالك أن يحس إحساسًا دينيٍّا نحو الطبيعة، ثم إذا درس بعد ذلك تطور المجتمعات والأديانوالعائلة والثقافة والعلم والأدب والفن والحضارات، فإنه لا يتمالك أيضًا أن يحس المسؤولية نحو الوسط الذي يعيش فيه، ويجب أن يؤثر فيه، للخير والشرفوالسمو؛ لأنه هو نفسه قد أصبح جزءًا عاملًا في هذا التطور، ويمكن أن يعد التطور بهذا الفهم دينًا أو مذهبًا بشريٍّا جديدًا. اللغة بدورها تحتاج إلى الحياة الاجتماعية؛ إذ هي للتفاهم؛ أي: أن يفهم واحد مايقوله الآخر؛ أي أن اللغة ليست اختراع فرد وإنما هي اختراع جماعة. إنّ كل كلمة فكرة، وتسجيل الكلمات في الدماغ هو بمثابة تسجيل الأفكار،وهذه الأفكار تتصادم وتتفاعل في الدماغ الذي يكبر وينمو كي يستوعبها. الزراعة أنتجت الحضارة، والكتابة أنتجت الثقافة.وبالكتابة توسع التفكير البشري ووجدت كلمات التعميم والشمول، وأصبحت ممكنة، وصار الذكاء مدربًا على الفهم العام، ورويدًا رويدًا تحول البحث "النظري"الديني القائم على العقائد والخرافات إلى بحث فلسفي قائم على العقل والمنطق. إنّ التقاليد تعوق التطور، والاستعمار يأكل ويشبع من الشعوب التي تجمدت بالتقاليد وسيطرت عليها الأديان التي تعلمها أن السعادة في عالم آخر وليست فيهذا العالم، وأن العقيدة الدينية أهم من البترول"