2,99 €
inkl. MwSt.
Sofort per Download lieferbar
  • Format: ePub

فُطِر الناس على حب المفاضلة بين الوسائل التي ترمي إلى غرض واحد، والموازنة بين الأنواع التي ترجع إلى أصل واحد، وقد ظهرت هذه الفطرة واضحة جلية حين ظهر الشعر، وتبارى في قرضه الشعراء. ليست الموازنة إلا ضرباً من ضروب النقد، يتميز بها الرديء من الجيد، وتظهر بها وجوه القوة والضعف في أساليب البيان: فهي تتطلب قوة في الأدب، وبصرا بمناحي العرب في التعبير، ومن هنا كان القدماء يتحاكمون إلى النابغة تحت قبته الحمراء، في سوق عكاظ، إذ كان في نظرهم أقدر الشعراء على وزن الكلام. وقد كلّف الأدباء في مختلف العصور بالموازنة بين من ينبغون من الشعراء في عصر واحد: فوازنوا بين امرئ القيس، والنابغة، وزهير، والأعشى في…mehr

Produktbeschreibung
فُطِر الناس على حب المفاضلة بين الوسائل التي ترمي إلى غرض واحد، والموازنة بين الأنواع التي ترجع إلى أصل واحد، وقد ظهرت هذه الفطرة واضحة جلية حين ظهر الشعر، وتبارى في قرضه الشعراء. ليست الموازنة إلا ضرباً من ضروب النقد، يتميز بها الرديء من الجيد، وتظهر بها وجوه القوة والضعف في أساليب البيان: فهي تتطلب قوة في الأدب، وبصرا بمناحي العرب في التعبير، ومن هنا كان القدماء يتحاكمون إلى النابغة تحت قبته الحمراء، في سوق عكاظ، إذ كان في نظرهم أقدر الشعراء على وزن الكلام. وقد كلّف الأدباء في مختلف العصور بالموازنة بين من ينبغون من الشعراء في عصر واحد: فوازنوا بين امرئ القيس، والنابغة، وزهير، والأعشى في الجاهلية، وبين جرير، والفرزدق، والأخطل في الدولة الأموية، وبين أبي نواس، ومسلم بن الوليد، وأبي العتاهية، وبين ابن المعتز وابن الرومي، وبين أبي تمام والبحتري في الدولة العباسية، وكذلك عقدت الموازنات بين من نبغوا بعد أولئك الفحول إلى العصر الذي نعيش فيه، والعهد قريب بما كتب في الموازنة بين شوقي وحافظ ومطران في الجرائد المصرية والسورية، ولا يزال الأدباء مختلفين في حكمهم على من تقدمهم، أو عاصرهم من الشعراء. يبيّنُ هذا الكتاب هنا أخطاءَ النقّاد الذين تصدّوا قديماً أو حديثاً للموازنة بين شاعرين: جمع بينهما عصر واحد، أو اشتركا في الإبانة عن غرض واحد، وأنَّ الموازنة بين الشعراء نضع ميزانا يعتمد عليه في وزن ما للشعراء من الحسنات والسيئات.