لا يكفي أن يكون الطعام شهيًّا، بل ينبغي فوق ذلك أن يكون مغذيًّا، شاملًا للعناصر الأساسية التي يتطلبها الجسم، عظمًا ولحمًا ودمًا. ولا يكفي أن يكون اللباس جميلًا، جذابًا أنيقًا، بل ينبغي فوق ذلك أن تتوافر فيه شروط الوقاية، وحفظ الجسم من عوادي الجو وتقلباته، وملاءمته للإقليم وتقلب الفصول، وكذلك التربية تقوم بوظيفتين أساسيتين، الزينة والحياة العلمية، ومن ينطر أهمية الثياب في الزينة ؟ ومن ينكر الزينة في الثياب ؟ ومن ذا الذي لا ينشد الجمال والكياسة في الملبس ؟ وما نفع الثوب الذي يزين صاحبه ويتركه عاريًا ؟ والتربية تخلع على صاحبها ثوب الظرف، والرقة، والتمدين، وحلاوة التعبير، والسير والوقوف، والجلوس، ومعاملة الغير، وكذلك فهي تصقل صاحبها وتهذبه، كما تصقل يد الصانع اللآلئ وتجملها. فوظيفة التربية هنا الزينة والزخرف، وهي لازمة للإنسان لزوم الزينة للملابس. غير أن وظيفتها الأخرى عملية، وهي إعداد صاحبها لدخول ميدان الحياة ظافرًا منتصرًا، يعمل ويربح، ويكد ويرتزق، وينصب ويكسب، ويأكل خبزه بعرق جبينه، ويرغد عيشه، وينعم باله، ويعمل كعضو عامل في المجتمع الإنساني. ومن ذا الذي يقتصر على التربية للزينة ؟ ومن ذا الذي يقصر تربيته على العمل المحض ؟