جورج ديهاميل مؤلف هذا الكتاب أحد كبار كتاب فرنسا المعاصرين ولد في باريس سنة 1884 ودرس الطب كأبيه وانتهي منه سنة 1909، ولكنه أولع بالأدب صغيرا، وظل يجمع بين المهنتين: الطب والأدب.ونحن لا يعنينا من دراسته للطب ومزاولته له إلا الأثر الذي تركه ذلك في أدبه، وهو ما يمكن ان نلمحه في أمرين: دقة تفكيره، ثم اتجاهه الإنساني. لم يأت ديهاميل إلى الأدب كما أتى إليه غيره فرارا من الواقـع أو لفشلـه فيمـا عـداه، وهو لا يرى في الفنان إنسانا شاذا أو خارجا على أوضاع الحياة كما كـان يفعل الرومانتيكيـون والرمزيـون من بعدهم، وفي كتابه الذي ستقرؤه ما يدل على أنه رجل متزن حكيم سليم النظرة إلى الحياة، يعتز بمبادئ الخلق ولا يرى في العبقرية ذاتها ما يبرر الانحلال أو يدعو إليـه، وأشـد ما يغتبـط به أن يعـزز الخلق المواهب، وعنده أن الرجل العبقـرى الذي لا مبادئ له أشبـه ما يكـون بالعاهـرة الجميلـة التي يتمتع بها الرجـال دون أن يمنعهـم ذلك من احتقــارها.