يقول المؤلف إنه لم يكتب في حياته بمثل هذا الصدق من قبل، وعليك بتصديقه عزيزي القارئ. هذه قصة يكتبها جَدٌّ عن حفيده المدمن. عرف الجد حفيده صبيًّا صغيرًا واعتقد أنه لم يعرفه شابًّا، والشاب هو جوبلن الذي اتَّخذ من الشارع بيتًا له، وصارت له أسفار، وتعلَّم القفز على قطارات الشحن؛ فأمسى الطريق في كل مكان بيته كذلك، وكان من هؤلاء المتجولين الذين لهم حياة غامضة محيرة. وُلِد جوبلن عام 1988، حينما كان جدُّه يبلغ السابعة والأربعين، وعاش الجد ليرى حفيده في رحلة قد حصرته في دائرة صغيرة من متشردي القرن الواحد والعشرين، الذين أسموا أنفسهم "الصبية الرحَّالة". إن هذه الرحلة في الجانب المظلِم من أمريكا، الذي لا يعرف معظم الناس بوجوده، حيث يذهب الصبية الرحَّالة إلى وجهاتهم بأي وسيلة متاحة: يمشون، ويطلبون من الغرباء توصيلهم، ويستقلون الحافلات الغريبة، لكنهم يفضِّلون القفز على قطارات الشحن. وفي خمس سنوات قطع الحفيد خمسة وعشرين ألف ميل مسافرًا بالقطارات. يكتب الجد بدافع شغف الراوي ومحبة الجد، فيقدم لنا قصة حقيقية حميمة لجوبلن ورفاقه، نتعلَّم منها الكثير عن الحياة والصداقة والحب والعلاقات الإنسانية وليس عن الإدمان فحسب، حيث عاش جوبلن حياة لا تشبه أي حياة منطقية عرفناها. هذا الكتاب، في وصفه لحياة جوبلن، يحذِّرنا كل التحذير من الوقوع في فخ الإدمان، بل إنه يُعَد بثًّا حيًّا لِمَا يمكن أن تكون عليه حياة المدمن بين الطرقات والمستشفيات، عائقًا دائمًا أمام النجاح وأمام اكتمال الحب. لا يمكن لقارئ هذا الكتاب إلا أن يخاف الإدمان، ويبتعد عن طريقه بكل السبل، ويتعلَّم الدرس القاسي من حياة جوبلن ورفاقه، ولا يمكن لمدمن أن يقرأه إلا ويسعى إلى الإقلاع عن إدمانه.