اختار الكاتب الفرنسي بروسبير ميريميه الحب المتأجج المدمر موضوعا لقصصه، كما أحب الغموض والتاريخ وما هو غير مألوف، وتأثر بكل من شارلز نودييه كاتب الرواية التاريخية الخيالية وولتر سكوت وبالدراما النفسية لدى ألكسندر بوشكين. في هذه الرواية التي تدور أحداثها عام 1830 وحققت نجاحا كبيرا، يبرز التصادم في مفهوم الحياة، بين المدنية وثقافة الغجر، والتناقض في القيم وأسلوب التفكير، إلى جانب ديناميكية السرد في انتقاله من الخارج إلى الداخل، ومن الشوارع إلى المكتبة والتاريخ، إلى تباين جغرافية الشخصيات. ففي حين الراوي من فرنسا فإن البطل جوزيه نافارو من الباسك، أما كارمن الغجرية فهي لا مكان لها. ويسرد الراوي المشارك وقائع الحكاية، كزائر لإسبانيا بمهمة أكاديمية، وخلال تجواله هناك يلتقي بجوزيف نافارو قاطع الطريق واللص المطلوب من السلطة والمرهوب من العامة. وعلى الرغم من تحذير الدليل له من خطورته إلا أن الراوي يأنس له ويستشعر نبله الداخلي ويتابع جولته معه، كما يساعده على الفرار من الخان حينما يشي الدليل بمكانه إلى السلطات.