«.. وقد كان خصومه يعيبون عليه حدة الطبع والبعد عن الدبلوماسية... فضلًا عن أنه شخصية عصية على التطويع....». «وأنا أتطلع إلى وجه......، الذي كان يبدو لي كالمتحف المتنقل، والذي تفوح منه رائحة التاريخ الوطني والنضال القومي........». «... وظل على امتداد ما يقرب من نصف قرن نجمًا ساطعًا في سماء الشرق الأوسط، ورقمًّا مهمًّا في كل معادلاته السياسية....». «... أن علاقتي بـ..... لم تكن طيبة طوال الوقت..». * * * هذه نماذج محدودة للغاية، بل إنها قطرات من أمواج نهر الحياة، الذي تتجسد فيه ملامح البشر وسماتهم. ويأتي كتاب «عرفتهم عن قرب» دالًّا على مضمونه الذي يؤكد بعدين أساسيين، أولهما أن هذه المعرفة شرط أساسي – سواء أكانت بشكل مباشر أم غير مباشر – للدخول إلى عالم الشخصية التي أتحدث عنها، وثانيهما أن القرب ضمانة أكيدة للالتزام والصدق والحيادية في تناول تلك الشخصية، رغم ما يكون هناك – بالطبع – من نقاط اتفاق أو مواضع اختلاف في الرؤى ووجهات النظر.. إن هذا الكتاب محاولة جادة لتوثيق حق الأجيال الحالية والقادمة في أن تعرف رموزًا بشرية، يتفق أو يختلف بشأنها، أو يتعاظم الجدل حولها.. ولكنها في نهاية الأمر قدمت من العطاء للبشرية وللوطن ما يستحق أن ينوه عنها.. إننا أمام محاولة للغوص في أعماق هذه الشخصيات، مدفوعين بتلك الرغبة الدفينة الكامنة في أعماقنا – منذ خلقنا الله سبحانه وتعالى – في فهم النفس البشرية واستجلاء مغاليقها، قبل أن نحكم بما لها أو عليها.