يصنّف كتاب أحكام القرآن لابن العربي على أنه أحد كتب التفسير الفقهي للقرآن الكريم، حيث عرض فيه ابن العربي لآيات الأحكام، وكان بذلك مناصراً لمذهب الإمام مالك بن أنس، علماً أنه رجّح المذاهب الأخرى التي تعزز رأيه واختياره، كما وضّح منهج كتابه في المقدمة، إذ كان يذكر الآية من السورة، ثم يتحدث عن كلماتها وحروفها، فيعرّف بها مفردةً، ثم يركبها إلى غيرها، مع الحرص على الجانب اللغوي، وتجنب الوقوع في أي مناقضة، إضافةً إلى المحافظة على اللغة، ثم مقابلة هذه الآية بما يناسبها من سنة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، مع الجمع بين القرآن والسنة، كون السنة جاءت من عند الله أيضاً، وإن كانت بكلام رسوله، ثم يعقّب على الشرح بالتوابع اللازمة لتحصيل العلم. فسّر ابن العربي في كتابه كل سور القرآن الكريم تفسيراً فقهياً باستثناء ثماني سور، وهي: سورة القمر، والنازعات، والحاقة، والتكوير، والقارعة، والكافرون، والانفطار، والهمزة، ولا بد من الإشارة إلى أن ابن العربي اقتصر فقط على تفسير آيات الأحكام، حيث كان يعد الآيات في كل سورة، ثم يشرحها، ويستخرج المسائل الفقهية منها، ويبين الأحكام الورادة فيها، جاعلاً علم اللغة، وعلم الحديث، وأسباب النزول، والآثار، والسنن الأساس الذي يعتمد عليه، علماً أنه أشار خلال شرحه إلى مواضع الخلاف بين الفقهاء، مع ذكر الأسباب، والاعتماد على منهج قائم على الاستدلال والحجة، مع الأخذ بالاعتبار أن ابن العربي يعتبر واحداً من أشهر المالكية الخلافيين في الأندلس في القرن السادس للهجرة، وذلك لأنه حينما يربط بين تأويل الآية وبين الخلاف عليها، يحيل إلى كتبه في مسائل الخلاف، ولا بد من الإشارة إلى أنه اهتم بالمذهب المالكي، ورد على المذاهب الأخرى