«محمد الفاتح» رجلٌ من الرجال الأفذاذ الذين قدَّموا للدولة العثمانية خدماتٍ جليلة، وتركوا في العالم أثرًا لا يُمحى، واسمًا خالدًا في ذاكرة التاريخ؛ فكان بحقٍّ رجلَ دولةٍ من طراز رفيع، وعلى الرغم من تولِّيه الحكم في سنٍّ صغيرة، فإنه استطاع على مدى ثلاثين عامًا أن يخوض العديد من المعارك الضارية، وأن يُحقِّق فتوحاتٍ عظيمة، كان أشهرها فتح القسطنطينية وسقوط آخر مَعاقل البيزنطيين في الشرق؛ الأمر الذي يُعَد نقطة تَحوُّل كبيرة وفاصلة في التاريخ الإسلامي. وقد سبق هذا الفتحَ العظيم استعداداتٌ كثيرة، يوجزها لنا المؤلفُ في هذا الكتاب، فضلًا عن تفصيله الجهود المضنية التي بذلها «الفاتح» من أجل رِفعة شأن دولته سياسيًّا واقتصاديًّا وعلميًّا؛ حتى أصبحت في عهده منارةً للعلوم والفنون، وتوافد إليها أنبغُ العلماء من كلِّ حدبٍ وصوب