شاعر الجاز، ملك البيتس، محطِّم التقاليد، سيد التناقضات، نجم حركة الثقافة المضادة، أعلى أصوات (جيل البيت)، وبالطبع صاحب (الهايكوات) - حيث يعد أحد الرواد المؤسسين لتقاليد ما صار يعرف اليوم بالهايكو الأمريكي - ومؤلف رواية (على الطريق). إنَّه جاك كيرواك، الاسم الذي لا يمكن التأريخ لأدب ما بعد الحداثة في أميركا دون الوقوف أمامه طويلاً، ودون أن يكون هو ونتاجه في القلب من هذا التأريخ وفي الصميم من تلك الكتابة. سبعة وأربعون عامًا عاشها كيرواك بين سنتي [1922-1969] على ظهر هذا الكوكب، كانت كافيةً ليترك وراءه أثرًا وتأثيرًا، حيث استثمر تجاربه بالكامل، وجنونه إلى أقصاه، بالإضافة لما درسه ومارسه في البوذية ومذهب الزن كعقائد روحية وفكرية، وفي الأدب الشرق-أسيوي تحديدًا كنبع إبداعي صافٍّ؛ ومنهل لقاموس استعاري ولُغوي مفارق للسَّائد. ثمَّ بدأ تحوّله الشهير لجذوره المحافظة، متنكرًا لما سواها، وقبل أن يتنكَّر كذلك لحركة (جيل البيت)، التي شيطنها قبل مفارقتها بعبارة عنت الكثير يومذاك (حصان طروادة الشُّيوعي)، كان ذلك حين ثار غضبه في أواخر حياته، ونشرَ مقال (من بعدي، الطوفان) هاجم فيه أصدقاءه السابقين بشراسة. بعد نشر هذا المقال بأيام فقط، وتحديدًا في فجر يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول 1969؛ توفي جاك كيرواك بسبب نزيف في المعدة جرَّاء إدمانه الكحول.. واليومَ بعد أكثر من نصف قرن على رحيله، لا يزال اسمه طريًّا وحيًّا وخِلافيًّا، ولا يزال أدبه باعثًا على الأسئلة الإبداعية الكبرى.