7,49 €
inkl. MwSt.
Sofort per Download lieferbar
  • Format: ePub

كنا في تلك العهود أحرارًا نفكر ونقول، كما نريد أن نفكر ونقول، كنا نلقى ألوانًا من المقاومة فلا تزيدنا إلا طموحًا إلى الحرية وإمعانًا فيها، وكنا ننظر إلى الجهاد في سبيل الرأي وحرية الرأي على أنه حاجة من حاجات الحياة، وضرورة من ضرورات الوجود الحر، فأين نحن من هذا الآن؟. كنا نشكو أحيانًا ظلم الحكومات وجنوحها إلى الاستبداد ونصرها للجمود، ولكنَّا كنا نجد الشعب دائمًا مواتيًا لنا، يمنحنا نصره، ووده، وعطفه، وتأييده. أما الآن فقد اشتد عنف السلطان، وأسرف في الشدة حتى اضطر الكتَّاب والخطباء إلى أن يفكروا ويقدروا، ويطيلوا التفكير والتقدير قبل أن يكتبوا أو يقولوا، وقد وجد الاستبداد الرسمي المتصل لنفسه…mehr

Produktbeschreibung
كنا في تلك العهود أحرارًا نفكر ونقول، كما نريد أن نفكر ونقول، كنا نلقى ألوانًا من المقاومة فلا تزيدنا إلا طموحًا إلى الحرية وإمعانًا فيها، وكنا ننظر إلى الجهاد في سبيل الرأي وحرية الرأي على أنه حاجة من حاجات الحياة، وضرورة من ضرورات الوجود الحر، فأين نحن من هذا الآن؟. كنا نشكو أحيانًا ظلم الحكومات وجنوحها إلى الاستبداد ونصرها للجمود، ولكنَّا كنا نجد الشعب دائمًا مواتيًا لنا، يمنحنا نصره، ووده، وعطفه، وتأييده. أما الآن فقد اشتد عنف السلطان، وأسرف في الشدة حتى اضطر الكتَّاب والخطباء إلى أن يفكروا ويقدروا، ويطيلوا التفكير والتقدير قبل أن يكتبوا أو يقولوا، وقد وجد الاستبداد الرسمي المتصل لنفسه أنصارًا وأعوانًا من طبقات الشعب لم يكن ليظفر بهم من قبل. فوُجدت أحزابٌ مهما تكن ضئيلة قليلة الخطر؛ فهي أحزاب منظمة تناصر الجور والاستبداد، وتدعو إلى التأخر والرجوع إلى وراء، وليس في هذا شيء من الغرابة؛ فقد كثُر الاضطراب في نظمنا السياسية، وطال عهد البلاد بحكومات لم تكن تقدِّر الحق ولا العدل ولا القانون، ولم تكن تقصِّر في التماس الأعوان ولا الأنصار، بألوان الترغيب والترهيب. طه حسين