نتداول كثيرا مصطلح "الدولة الحديثة" التي أسسها محمد علي، لكن لاأحد يستطيع وصف المجتمع بالحديث، لأنه كان بالفعل مجتمع النصف في المائة والذي كان يعاني من: الفقر والجهل والمرض، وهي بيئة حاضنة لانتشار الفكر الخرافي والرؤى الدينية المتخلفة بينما كانت الرؤى الدينية المستنيرة محاصرة في حدود ضيقة أقرب إلى "الجيتو" داخل مجتمع كامل غارق في خرافاته ومستوياته المعيشية المتردية. في ظل هذه الثنائية – الدولة الحديثة على مستوى المؤسسات والمجتمع المتخلف – تكونت تيارات فكرية أكثر تميزا وتحديدا من تلك النزعة الإصلاحية التي حاولت الجمع بين الديني والمدني. فرأينا بدايات تكوين الفكر الليبرالي أو الحري بتعبيرات أحمد لطفي السيد، وبدايات تكوين التيار الاشتراكي على يد سلامة موسى وفرح أنطون، والجماعة الأم لفصائل الإسلام السياسي "الإخوان المسلمين".