هل من الممكن الوصول في هذا العالم إلى معرفة ترتقي إلى درجة من اليقين لا يشك فيها رجل عاقل؟ هذا السؤال الذي لا يبدو عند النظرة الأولى عسيرًا، هو في الحقيقة من أصعب ما يمكن التساؤل عنه. وحينما ندرك العقبات في سبيل جواب صحيح موثوق به (لهذا السؤال) نكون قد ولجنا باب دراسة الفلسفة، فما الفلسفة إلا المحاولة للإجابة عن مثل هذه الأسئلة الأساسية، إجابة لا توصف بعدم العناية كما لا توصف توًّا باليقين كما نفعل في الحياة العادية وكما نفعل في العلوم، بل تقوم على النقد بعد الكشف عن جميع ما يجعل مثل هذه الأسئلة محيرة، وبعد الوقوف على كل ما يحيط بأفكارنا العادية من الغموض والاضطراب. فنحن في حياتنا اليومية نفرض كثيرًا من الأشياء أنها حقة؟ ولكنا نجدها لدى التمحيص الدقيق ملأى بالمتناقضات الظاهرة، حتى ليعز علينا أن نهتدي المعرفة ما يمكننا أن نعتقده حقيقة، إلا بعد قدر كبير من التفكير. برتراند رسل