ما الحرية ؟ هذا التساؤل قد يبدو غريبًا بعد أن قررنا أن الإنسان يميل بفطرته إليها، نعم نميل إليها جميعًا من عهد الطفولة ولكن جمهور الناس لا يكادون يعرفون لها حدًا ولا قيدًا، وغالب المفكرين يبرزون لنا أفكارهم بصورة تشعر بأن كل حكومة أو كل قيد أو كل قانون يعني الانتقاص من الحرية حتى لقد قال "بنتام" ذلك المشرع الإنجليزي العظيم: "إن القانون شر لابد منه"، وقال "جان جاك روسو": "خُلق الإنسان حرًا ولكنه يرسف في القيود والأغلال أينما سار، وبينما يظن البعض أنه سيد غيره إذ تراه في الواقع أكثر عبودية"، لهذا يجب أن نتساءل ما الحرية؟ ونقرر أنها ليست في فعل ما نشاء وترك ما لا نريد وقول ما نحب والإمساك عن ذكر ما لا نود ذكره بلا قيدٍ ولا هي في الاستهزاء بكل قانون والعبث بكل نظام ،ومناوأة كل سلطة ومقاومة كل قيد، بل هذه هي الفوضى، والفوضى أكبر عدو للحرية، إنما الحرية في هذه الحياة الاجتماعية هي مكانة كل فرد الحصول على حقوقه الطبيعية والسياسية والاستمتاع بها بلا قيد سوى الإمساك عن منع غيره مباشرة من الاستمتاع بنفس تلك الحقوق.