مثل بقية عناصر الوجود الإنساني وأوجه النشاط البشري تحتاج الظاهرة الاقتصادية إلى من يملك ملكة اكتشافها والتقاطها ثم إعادة ترتيب وتنسيق عناصرها في شكل بناء محكم الأركان راسخ القواعد.
ولعل ما تجدر ملاحظته وما ينبغي تسجيله منذ البداية أن العليم الطارح المسلم إزاء الظاهرة الاقتصادية ينطلق من منطلق يختلف كلياً عن نظيره غير المسلم فالأول يتعامل مع الظاهرة الاقتصادية في مصادرها الإسلامية تعامل المكتشف الباحث المزود بوسائل وأدوات عقائدية أما المفكر غير المسلم فهو يتعامل مع الظاهرة الاقتصادية في المجتمعات غير الإسلامية تعامل المنشئ الذي يكوّن نظريته الاقتصادية جامعاً شتاتها من تجارب عملية قائمة ونماذج ممارسة فعلية .
ولعل ما تقدم يضع أيدينا على الفارق الجوهري بين واقع الظاهرة الاقتصادية وما يرتبط بها ويترتب عليها من تنظير وتأصيل في كل من الطرح الإسلامي والفكر غير الإسلامي فالفكر غير الإسلامي لا يكتشف الظاهرة الاقتصادية بل يفرز نظريته الاقتصادية حال قيامه بوصف تجارب قائمة وأنظمة عاملة أما الطرح الإسلامي فهو ينقب عن عناصر الظاهرة الاقتصادية في صلب الأصول والقواعد الأساسية والأطر المرجعية النهائية للإسلام في الوقت الذي حرم الطرح الاقتصادي المسلم من التجارب العملية المعاصرة ونماذج الممارسة الواقعية ومما لا شك فيه أن لذلك مثالبه على صدقية الطرح الإسلامي فيما يتعلق بالظاهرة الاقتصادية ومن ثم فقد بات من الضروري السعي الجاد على كل المستويات من صانعي الفكر وعناصر الحركة من أجل بث وتعديد التجارب العملية والنماذج الحركية لعناصر ومكونات النظرية الاقتصادية الإسلامية حتى يتضح الاتساق بين عناصر الطرح الاقتصادي الإسلامي في النظرية والتطبيق بما يكفل للفكر الاقتصادي الإسلامي الموثوقية والقدرة على التعامل مع الواقع المعاصر دائماً .
وعليه تبدو الأهمية العظيمة لإقامة نظم وتجارب اقتصادية إسلامية تتعامل مع المتغيرات والمستجدات الخاصة بالظاهرة الاقتصادية وتدلل على قابلية الطـروحات الإسلامية للانتقال من طور النظر إلى طور التطبيق ومعايشة الواقع .
والفكر الاقتصادي الإسلامي مثله مثل كافة فروع الفكر الإسلامي تجاه كلية الوجود البشري لا يرفض النظريات الغربية أو الشرقية ولا يتجاهلها بل يتعامل معها ويبحث في جزئياتها وتفاصيلها وقوانينها فإن اختلفت مع معاييره ومرجعيته النهائية أعلن ذلك صراحة ولم يقبلها وإن اتفقت مع معاييره ومرجعيته النهائية قبلها وانطلق منها إلى اكتشاف القوانين العامة والأصول والقواعد التي تحكم النظرية الاقتصادية الإسلامية .
والاقتصاد الإسلامي لا ينفصل بحال عن العقيدة الإسلامية ولا ينحو منحى الاقتصاد غير الإسلامــي الذي يفصل بين النشاط الاقتصادي والأخلاق فالاقتصاد الإسلامي وما يرتبط به من نشاط اقتصادي هو جزء من العقيدة الإسلامية ينطلق من قواعدها وأصولها ويلتزم بقوانينها وضوابط حركتها ويهدف إلى تحقيق أهدافها المتمثلة في المثل والقيم الإسلامية الخالدة وعليه فالاقتصاد الإسلامي هو إحدى أدوات العقيدة الرامية إلى تحقيق صلاح الدنيا وسعادة الآخرة وهذا هو دائما منطلق الاقتصاد الإسلامي وغاية غيره من جزيئات وعناصر الوجود الإنساني .
يتكون الاقتصاد الإسلامي من حشد من الموضوعات يرتبط بعضها ببعض ارتباطا عضويا وتبرز في تكتل متماسك تنطلق كما أوضحنا من وحدة العقيدة وترتبط بأحكام الشريعة ثم يبرز الاقتصاد الإسلامي بجزيئاته ومفرداته كعنصر متضامن في كلية الوجود الإنساني لا ينفصل عنها ولا يعمل بدونها بل يسير المجتمع في منظومة واحدة ينشأ عن تناغمها كيان المجتمع المسلم الذي قوامه عقيدة التوحيد وضابط مساره الشريعة الإسلامية .
إن الحاجة لتبدو ماسة لإقامة تجارب واقعية ونماذج عملية لوضع النظرية الاقتصادية الإسلامية موضع التطبيق حتى تتأكد حقيقة قابلية تلك النظرية للتطبيق العلمي والتفاعل مع الواقع المعاصر وتعفى المجتمعات المسلمة من استيراد الأفكـار والنظريات الأجنبية ومحاولة استنباتها في بيئتها .
إن القضايا المطروحة في هذا المؤلف جميعها قضايا اقتصادية معاصرة تتناول الظاهرة الاقتصادية والشق المادي من نشاط الفرد داخل المجتمع ونعمد في هذا المؤلف إلى اكتشاف مثيلات هذه القضايا المعاصرة والتقاط مدلولاتها ومعانيها في الإطار المرجعي الإسلامي وأدوات تعاملها مع الواقع المعاصر وأحكامها الشرعية .
وقد راعينا الدفع بكافة القضايا المعاصرة التي تزخر بها الحياة الاقتصادية والتي تمثل للطرح الإسلامي إزاء الظاهرة الاقتصــادية مستجدات في الشكل والمضمون معا أو في أحدهما فقط .
وقد رأينا كذلك عدم التعرض لبعض القضايا الاقتصادية التي وجدت في الدولة الإسلامية الأولى في عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين وليس لها وجود في وقتنا الراهن .
كذلك سنكتفي في دراسة موضوعات الاقتصاد الإسلامي في هذا المؤلف بعرض الطرح الإسلامي دون التصدي لبحث وجهات النظر غير الإسلامية [الغربية والشرقية] وذلك لأكثر من سبب :
السبب الأول : أن ثمة دراسات عديدة تصدت للاقتصاد من وجهة النظر الغربية والشرقية ومن ثم فلا داعي لتكرار الذي لا يضيف جديداً ولا يحل إشكالاً .
السبب الثاني : أنه لا يمكن الدفع بوجهات النظر الغربية والشرقية إزاء الظاهرة الاقتصادية مع التوجه الإسلامي إعمالا للمنهج المقارن حيث لا محل لاستعمال هذا المنهج في حالتنا الدراسية وذلك لانتفاء عنصر التجانس بين الظاهرة الاقتصادية في كل من الطرح الإسلامي من ناحية والفكر البشري من ناحية أخرى ولعله من الأهمية بمكان الإشارة إلى عدم التجانس بين مفردات الظاهرة الاقتصادية في كل من الطرح الإسلامي من جهة والفكر البشرى من جهة أخرى ويبدو عدم التجانس في الآتي :
أولاً : مصدر الفكر : فمصدر الفكر الاقتصادي الإسلامي هو الله المشرع الأوحد الأعلم بشئون خلقه والبصير بصالحهم والعالم المسلم إن هو إلا باحث عن الأحكام والقوانين ومكتشف للعلاقات ومنسق للجزيئات في شكل عموميات ثم بعد ذلك يحاول نقل النظرية الاقتصادية إلى أنظمة واقعية ونماذج للحركة تجمع بين النظرية وتطبيقاتها أما مصدر الفكر الاقتصادي الموضوع فهو العقل البشري وبعض المبادئ والمسلمات والبديهيات والعالم الاقتصادي هو منشئ النظرية ومكونها من خلال مراقبته وملاحظته للأنظمة القائمة والتجارب العاملة .
ثانياً : المنطلق المنهجي والإطار المرجعي : الاقتصاد الإسلامي ينطلق منهجيا من عقيدة التوحيد وشريعة الإسلام ويمثل هذان الأصلان إطاره المرجعي اللذان يستمد منهما مضمون النظرية وقوانينها وأحكامها أما الاقتصاد الموضوع فينطلق من القوانين التي صاغتها دينامية الحياة الاجتماعية والأنظمة والتجارب القائمة ويتخذ من العقل البشري إطاره المرجعي .
ثالثاً : البيئة : الاقتصاد الإسلامي يعمل في مجتمع مسلم ، تسوده الثقافة الإسلامية المرتكزة على قاعدة الحلال والحرام والمباح والمحظور ومن ثم فهذا المجتمع تحكمه القيم والمثل والمبادئ الإسلامية أما الاقتصاد غير الإسلامي فيعمل في بيئة تختلف عن المجتمع الإسلامي حيث تسودها قيم أخرى تهدف إلى تحقيق المنفعة بشتى السبل والوسائل دون وازع أو رادع فالاقتصاد غير الإسلامي لا يعرف حراما أو حلالا ولا يعرف عدلا أو ظلما.
رابعاً : الهدف : كذلك يبدو عدم التجانس بين الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد غير الإسلامي فيما يتعلق بهدف كل منهما فالاقتصاد الإسلامي يهدف ضمن منظومة المنهاج الإسلامي إلى إقامة مجتمع إسلامي يحل الحلال ويحرم الحرام ويقيم شرع الله في جو من القيم والمثل والمبادئ مثل العدالة والمساواة والإخاء أما الاقتصاد غير الإسلامي فيرمي إلى تحقيق المنفعة بغض النظر عن وسيلة التحقيق والمنفعة تقود إلى الثراء المادي والتقدم الاقتصادي الظاهري الذي هو غاية تلك المجتمعات ومثلها الأعلى .
إن محاولات الكشف عن جزئيات ومفردات الظاهرة الاقتصادية الإسلامية في هذا الجزء ستتم من خلال الرجوع إلى المصادر الأساسية والمنابع الأصيلة للإسلام والمتمثلة في القرآن الكريم وسنة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وبعض الممارسات والآراء لأعلام الفكر الإسلامي .
ويأتي هذا المصنف الذي يعرض لأهم موضوعات الاقتصاد الإسلامي أو النظرية الاقتصادية الإسلامية في أحد عشر باباً بالإضافة إلى فصل تمهيدي وذلك على النحو التالي :
فصل تمهيدي : توطئة .
الباب الأول : المشكل الاقتصادي [تحقيق الوسطية] .
الباب الثاني : الإنتاج .
الباب الثالث : الطلب .
الباب الرابع : العرض .
الباب الخامس : الأسعار .
الباب السادس : التوزيع .
الباب السابع : النقود والبنوك .
الباب الثامن : الادخار والاستثمار .
الباب التاسع : الملكية الخاصة [القطاع الخاص] .
الباب العاشر : ملكية الدولة والملكية العامة [القطاع العام] .
الباب الحادي عشر : دور الدولـــة في الاقتصـــاد الإسلامي .
ولعل ما تجدر ملاحظته وما ينبغي تسجيله منذ البداية أن العليم الطارح المسلم إزاء الظاهرة الاقتصادية ينطلق من منطلق يختلف كلياً عن نظيره غير المسلم فالأول يتعامل مع الظاهرة الاقتصادية في مصادرها الإسلامية تعامل المكتشف الباحث المزود بوسائل وأدوات عقائدية أما المفكر غير المسلم فهو يتعامل مع الظاهرة الاقتصادية في المجتمعات غير الإسلامية تعامل المنشئ الذي يكوّن نظريته الاقتصادية جامعاً شتاتها من تجارب عملية قائمة ونماذج ممارسة فعلية .
ولعل ما تقدم يضع أيدينا على الفارق الجوهري بين واقع الظاهرة الاقتصادية وما يرتبط بها ويترتب عليها من تنظير وتأصيل في كل من الطرح الإسلامي والفكر غير الإسلامي فالفكر غير الإسلامي لا يكتشف الظاهرة الاقتصادية بل يفرز نظريته الاقتصادية حال قيامه بوصف تجارب قائمة وأنظمة عاملة أما الطرح الإسلامي فهو ينقب عن عناصر الظاهرة الاقتصادية في صلب الأصول والقواعد الأساسية والأطر المرجعية النهائية للإسلام في الوقت الذي حرم الطرح الاقتصادي المسلم من التجارب العملية المعاصرة ونماذج الممارسة الواقعية ومما لا شك فيه أن لذلك مثالبه على صدقية الطرح الإسلامي فيما يتعلق بالظاهرة الاقتصادية ومن ثم فقد بات من الضروري السعي الجاد على كل المستويات من صانعي الفكر وعناصر الحركة من أجل بث وتعديد التجارب العملية والنماذج الحركية لعناصر ومكونات النظرية الاقتصادية الإسلامية حتى يتضح الاتساق بين عناصر الطرح الاقتصادي الإسلامي في النظرية والتطبيق بما يكفل للفكر الاقتصادي الإسلامي الموثوقية والقدرة على التعامل مع الواقع المعاصر دائماً .
وعليه تبدو الأهمية العظيمة لإقامة نظم وتجارب اقتصادية إسلامية تتعامل مع المتغيرات والمستجدات الخاصة بالظاهرة الاقتصادية وتدلل على قابلية الطـروحات الإسلامية للانتقال من طور النظر إلى طور التطبيق ومعايشة الواقع .
والفكر الاقتصادي الإسلامي مثله مثل كافة فروع الفكر الإسلامي تجاه كلية الوجود البشري لا يرفض النظريات الغربية أو الشرقية ولا يتجاهلها بل يتعامل معها ويبحث في جزئياتها وتفاصيلها وقوانينها فإن اختلفت مع معاييره ومرجعيته النهائية أعلن ذلك صراحة ولم يقبلها وإن اتفقت مع معاييره ومرجعيته النهائية قبلها وانطلق منها إلى اكتشاف القوانين العامة والأصول والقواعد التي تحكم النظرية الاقتصادية الإسلامية .
والاقتصاد الإسلامي لا ينفصل بحال عن العقيدة الإسلامية ولا ينحو منحى الاقتصاد غير الإسلامــي الذي يفصل بين النشاط الاقتصادي والأخلاق فالاقتصاد الإسلامي وما يرتبط به من نشاط اقتصادي هو جزء من العقيدة الإسلامية ينطلق من قواعدها وأصولها ويلتزم بقوانينها وضوابط حركتها ويهدف إلى تحقيق أهدافها المتمثلة في المثل والقيم الإسلامية الخالدة وعليه فالاقتصاد الإسلامي هو إحدى أدوات العقيدة الرامية إلى تحقيق صلاح الدنيا وسعادة الآخرة وهذا هو دائما منطلق الاقتصاد الإسلامي وغاية غيره من جزيئات وعناصر الوجود الإنساني .
يتكون الاقتصاد الإسلامي من حشد من الموضوعات يرتبط بعضها ببعض ارتباطا عضويا وتبرز في تكتل متماسك تنطلق كما أوضحنا من وحدة العقيدة وترتبط بأحكام الشريعة ثم يبرز الاقتصاد الإسلامي بجزيئاته ومفرداته كعنصر متضامن في كلية الوجود الإنساني لا ينفصل عنها ولا يعمل بدونها بل يسير المجتمع في منظومة واحدة ينشأ عن تناغمها كيان المجتمع المسلم الذي قوامه عقيدة التوحيد وضابط مساره الشريعة الإسلامية .
إن الحاجة لتبدو ماسة لإقامة تجارب واقعية ونماذج عملية لوضع النظرية الاقتصادية الإسلامية موضع التطبيق حتى تتأكد حقيقة قابلية تلك النظرية للتطبيق العلمي والتفاعل مع الواقع المعاصر وتعفى المجتمعات المسلمة من استيراد الأفكـار والنظريات الأجنبية ومحاولة استنباتها في بيئتها .
إن القضايا المطروحة في هذا المؤلف جميعها قضايا اقتصادية معاصرة تتناول الظاهرة الاقتصادية والشق المادي من نشاط الفرد داخل المجتمع ونعمد في هذا المؤلف إلى اكتشاف مثيلات هذه القضايا المعاصرة والتقاط مدلولاتها ومعانيها في الإطار المرجعي الإسلامي وأدوات تعاملها مع الواقع المعاصر وأحكامها الشرعية .
وقد راعينا الدفع بكافة القضايا المعاصرة التي تزخر بها الحياة الاقتصادية والتي تمثل للطرح الإسلامي إزاء الظاهرة الاقتصــادية مستجدات في الشكل والمضمون معا أو في أحدهما فقط .
وقد رأينا كذلك عدم التعرض لبعض القضايا الاقتصادية التي وجدت في الدولة الإسلامية الأولى في عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين وليس لها وجود في وقتنا الراهن .
كذلك سنكتفي في دراسة موضوعات الاقتصاد الإسلامي في هذا المؤلف بعرض الطرح الإسلامي دون التصدي لبحث وجهات النظر غير الإسلامية [الغربية والشرقية] وذلك لأكثر من سبب :
السبب الأول : أن ثمة دراسات عديدة تصدت للاقتصاد من وجهة النظر الغربية والشرقية ومن ثم فلا داعي لتكرار الذي لا يضيف جديداً ولا يحل إشكالاً .
السبب الثاني : أنه لا يمكن الدفع بوجهات النظر الغربية والشرقية إزاء الظاهرة الاقتصادية مع التوجه الإسلامي إعمالا للمنهج المقارن حيث لا محل لاستعمال هذا المنهج في حالتنا الدراسية وذلك لانتفاء عنصر التجانس بين الظاهرة الاقتصادية في كل من الطرح الإسلامي من ناحية والفكر البشري من ناحية أخرى ولعله من الأهمية بمكان الإشارة إلى عدم التجانس بين مفردات الظاهرة الاقتصادية في كل من الطرح الإسلامي من جهة والفكر البشرى من جهة أخرى ويبدو عدم التجانس في الآتي :
أولاً : مصدر الفكر : فمصدر الفكر الاقتصادي الإسلامي هو الله المشرع الأوحد الأعلم بشئون خلقه والبصير بصالحهم والعالم المسلم إن هو إلا باحث عن الأحكام والقوانين ومكتشف للعلاقات ومنسق للجزيئات في شكل عموميات ثم بعد ذلك يحاول نقل النظرية الاقتصادية إلى أنظمة واقعية ونماذج للحركة تجمع بين النظرية وتطبيقاتها أما مصدر الفكر الاقتصادي الموضوع فهو العقل البشري وبعض المبادئ والمسلمات والبديهيات والعالم الاقتصادي هو منشئ النظرية ومكونها من خلال مراقبته وملاحظته للأنظمة القائمة والتجارب العاملة .
ثانياً : المنطلق المنهجي والإطار المرجعي : الاقتصاد الإسلامي ينطلق منهجيا من عقيدة التوحيد وشريعة الإسلام ويمثل هذان الأصلان إطاره المرجعي اللذان يستمد منهما مضمون النظرية وقوانينها وأحكامها أما الاقتصاد الموضوع فينطلق من القوانين التي صاغتها دينامية الحياة الاجتماعية والأنظمة والتجارب القائمة ويتخذ من العقل البشري إطاره المرجعي .
ثالثاً : البيئة : الاقتصاد الإسلامي يعمل في مجتمع مسلم ، تسوده الثقافة الإسلامية المرتكزة على قاعدة الحلال والحرام والمباح والمحظور ومن ثم فهذا المجتمع تحكمه القيم والمثل والمبادئ الإسلامية أما الاقتصاد غير الإسلامي فيعمل في بيئة تختلف عن المجتمع الإسلامي حيث تسودها قيم أخرى تهدف إلى تحقيق المنفعة بشتى السبل والوسائل دون وازع أو رادع فالاقتصاد غير الإسلامي لا يعرف حراما أو حلالا ولا يعرف عدلا أو ظلما.
رابعاً : الهدف : كذلك يبدو عدم التجانس بين الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد غير الإسلامي فيما يتعلق بهدف كل منهما فالاقتصاد الإسلامي يهدف ضمن منظومة المنهاج الإسلامي إلى إقامة مجتمع إسلامي يحل الحلال ويحرم الحرام ويقيم شرع الله في جو من القيم والمثل والمبادئ مثل العدالة والمساواة والإخاء أما الاقتصاد غير الإسلامي فيرمي إلى تحقيق المنفعة بغض النظر عن وسيلة التحقيق والمنفعة تقود إلى الثراء المادي والتقدم الاقتصادي الظاهري الذي هو غاية تلك المجتمعات ومثلها الأعلى .
إن محاولات الكشف عن جزئيات ومفردات الظاهرة الاقتصادية الإسلامية في هذا الجزء ستتم من خلال الرجوع إلى المصادر الأساسية والمنابع الأصيلة للإسلام والمتمثلة في القرآن الكريم وسنة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وبعض الممارسات والآراء لأعلام الفكر الإسلامي .
ويأتي هذا المصنف الذي يعرض لأهم موضوعات الاقتصاد الإسلامي أو النظرية الاقتصادية الإسلامية في أحد عشر باباً بالإضافة إلى فصل تمهيدي وذلك على النحو التالي :
فصل تمهيدي : توطئة .
الباب الأول : المشكل الاقتصادي [تحقيق الوسطية] .
الباب الثاني : الإنتاج .
الباب الثالث : الطلب .
الباب الرابع : العرض .
الباب الخامس : الأسعار .
الباب السادس : التوزيع .
الباب السابع : النقود والبنوك .
الباب الثامن : الادخار والاستثمار .
الباب التاسع : الملكية الخاصة [القطاع الخاص] .
الباب العاشر : ملكية الدولة والملكية العامة [القطاع العام] .
الباب الحادي عشر : دور الدولـــة في الاقتصـــاد الإسلامي .