5,49 €
inkl. MwSt.
Sofort per Download lieferbar
  • Format: ePub

أنت سابق نفسك يا صاح، وما الأبراج التي أقمتها في حياتك سوى أساس لذاتك الجبارة، وهذه الذات في حينها ستكون أساسًا لغيرها.وأنا مثلك سابقُ نفسي؛ لأن الظل المنبسط أمامي عند شروق الشمس سيتقلص تحت قدمي عند الظهيرة، وسيعقب هذا الشروقَ شروقٌ آخر؛ فيُحدث ظلًّا ثانيًا أمامي، ولكن هذا الظل عينه سيتقلص تحتَ قدمي أيضًا في ظهيرة أخرى. منذ البدء ونحن سابقو نفوسِنا، وسنبقى سابقي نفوسنا إلى الأبد، وليس ما حشدنا ونحشدُ في حياتنا سوى بذور نُعدُّها لحقول لم تُفلَح بعد. نحن الحقول ونحن الزارعون، نحن الأثمار ونحن المستثمرون. عندما كنتَ يا صاح فكرةً هائمةً في الضباب كنتُ هنالك فكرة هائمة مثلك؛ فنشدتك ونشدتني؛ فكانت…mehr

Produktbeschreibung
أنت سابق نفسك يا صاح، وما الأبراج التي أقمتها في حياتك سوى أساس لذاتك الجبارة، وهذه الذات في حينها ستكون أساسًا لغيرها.وأنا مثلك سابقُ نفسي؛ لأن الظل المنبسط أمامي عند شروق الشمس سيتقلص تحت قدمي عند الظهيرة، وسيعقب هذا الشروقَ شروقٌ آخر؛ فيُحدث ظلًّا ثانيًا أمامي، ولكن هذا الظل عينه سيتقلص تحتَ قدمي أيضًا في ظهيرة أخرى. منذ البدء ونحن سابقو نفوسِنا، وسنبقى سابقي نفوسنا إلى الأبد، وليس ما حشدنا ونحشدُ في حياتنا سوى بذور نُعدُّها لحقول لم تُفلَح بعد. نحن الحقول ونحن الزارعون، نحن الأثمار ونحن المستثمرون. عندما كنتَ يا صاح فكرةً هائمةً في الضباب كنتُ هنالك فكرة هائمة مثلك؛ فنشدتك ونشدتني؛ فكانت من تشوُّقاتنا الأحلام، والأحلام كانت زمانًا بلا قيود، والأحلام كانت فضاء بلا حدود. وعندما كنتَ كلمة صامتة بين شفتي الحياة المرتعشتين، كنتُ أنا مثلك هنالك كلمة صامتة، وما تلفَّظت الحياة بنا حتى برزنا إلى الوجود وقلبانا يخفقان بتذكارات الأمس والحنين إلى الغد. وما الأمس سوى الموت مطرودًا ولا الغد سوى الميلاد مقصودًا.
Autorenporträt
جبران خليل جبران هو كاتب وشاعر وفنان لبناني وُلد في 6 يناير 1883، ويعتبر من أبرز رواد النهضة الأدبية في العالم العربي. انتقل جبران مع عائلته إلى الولايات المتحدة في سن مبكرة، حيث واجه العديد من التحديات التي ساهمت في تشكيل رؤيته الأدبية. عُرف بأسلوبه الفريد الذي يمزج بين العمق الفكري والجمالية اللغوية، حيث كتب العديد من الأعمال التي تعكس تجاربه الشخصية وفلسفته في الحياة. من بين أشهر أعماله "النبي"، الذي تُرجم إلى العديد من اللغات وحقق شهرة واسعة. كان جبران شخصية محورية في "الرابطة القلمية"، التي أسسها مع مجموعة من الأدباء لإحياء الأدب العربي. توفي جبران في نيويورك عام 1931، لكن إرثه الأدبي ما زال حيًا، وتحققت أمنيته بالدفن في لبنان حيث يُحتفظ برفاته في متحف جبران.